كيف تصبح مبدعا ؟ - خطوات عملية
من الممكن اليوم أن نقول :
إن الإنسان كائن مبدع ، فقد زودنا الله - عز وجل - بإمكانيات تجعلنا نبدع
في جانب من جانب الحياة أو في موقف من المواقف .
وقد يظن الناس أن الإبداع مرادف للذكاء أو العبقرية ، أو أنه شيء مرتبط بتفوق ذهني غامض لا دخل لهم فيه ، إلا أن هذا قد تغير الآن ، حيث أن من الواضح أن الإبداع فى شيء أو فى مجال لا يتطلب أكثر من التدريب و التركيز و مجاهدة النفس .
إن الإبداع ليس شيئا معقدا أو كبيرا ، فقد تبدع المرأة فى تنظيم بيتها ، وقد يبدع الموظف فى وظيفته ، وقد تبدع أرملة في تربية ابنتها اليتيمة ، وقد يبع لاعب في لعبته ، وقد يبدع معاق فى التعامل مع إعاقته ... وهكذا .
الإبداع هو المجيء بشيء غير
مسبوق ، والوصول إلى نتائج لم تكن معروفة من قبل ، وصور الإبداع أكثر من
أن تحصى ، لكن مساراته الأساسية تتمثل في نقد الأفكار القديمة و تحليلها و
تقديم أفكار حديثة وإضافة تفاصيل جديدة للمعلومات السابقة في أمر من الأمور
.
مشكلة
الإنسان مع الأوهام التي تحول بينه و بين الإبداع مشكلة قديمة جديدة ، و
الحقيقة أن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التي تكبلنا حيال ذلك الأمر ،
إنها أشبه بالنظارة التى نراها من خلفها الأشياء ، أو المرآة التي نرى بها
أنفسنا ، وحين تصبح تلك المرايا محدبة أو مقعرة فإنها لا تكشف لنا عن
وجهنا الحقيقي ، ولعلنا سنسرد بعض تلك الأوهام التي تحول دون تنمية الإبداع
ضعف الثقة بالنفس هو واحد ما أكبر أبواب الشرور التي نفتحها على نفسنا ، فالإنسان الذي يفقد الثقة فى نفسه يحجم عن تحمل المسؤولية ، ويخشى القيام بأي مبادرة أو مخاطرة حتى خوفا من الفشل و من النقد و التأنيب .
ومصدر عدم الثقة بالنفس هو التجارب السلبية السابقة التي تنتهي باقتناع صاحبها بأنه فاشل ، غير محظوظ ، بلا موهبة ، ...، وقليل هم الذين يبحثون في سبب فشلهم وقليل هم الذين يعتقدون أن إخفاقهم ليس نهاية العالم .
الجدير بالذكر أن الناس كانوا و مازالوا يعتقدون أن الواحد له القدرة على أن يبدع فى جانب أو أكثر من جوانب حياته على وجه الخصوص دونا عن باقى الجوانب ، استنادا إلى ما لديه من موهبة فطرية ، وهذا ما أكدته نظرية "الذكاءات المتعددة" لصاحبها "هوارد جاردن " التي نشرها فى كتا "أطر العقل" ، حيث قالت النظرية أن الإنسان يمتلك أكثر من نوع من الذكاء عدها سبعة ثم وصلت لعشرة بعد إجراء تعديلات عليها ومن هذه الذكاءات :
- الذكاء اللغوي : وتعني حساسية الإنسان تجاه اللغة ، وقدرته على تعلمها و استخدامها
- الذكاء الرياضي المنطقى : ويعني قدرة الإنسان على حل المشكلات منطقيا ، و التعمل مع الأرقام و العمليات الحسابية
- الذكاء الاجتماعي : ويعني قدرة الإنسان على التعامل مع الآخرين و معرفة احتياجاتهم و رغباتهم
- الذكاء الشخصي الذاتي : و يعني قدرة الإنسان على فهم ذاته و مشاعره و مخاوفه الشخصية
- الذكاء العاطفي : ويعني قدرة الإنسان على إدارة العواطف و توجيهها
وهذه رسالة لنا ، فكل منا لديه الفرصة على أن يبدع ، فقليلون جدا يفتقدون كل أنواع الذكاء ، وقليلون جدا من يملكون كل هذه الأنواع ، وكل منا لديه هذه الأنواع من الذكاء و لكن بصورة متفاوتة .
وإن الثقة بالنفس و الإيمان بأن الله تعالى يجيب و يعين ، ولا يضيع أجر العاملين معاني أساسية فى اجتياح السدود التي تحول بيننا و بين الإبداع .
عائق آخر من عوائق الإبداع ، فالناس لا يميلون إلى البحث عن الإمكانات و تقديم البدائل و اختبارها ، واختصارا للوقت و الجهد يقومون باختيار أول فكرة يعثرون عليها ، مع أن الثابت أن الأفكار العظيمة تأتي متأخرا بعد أن نكون قد عصرنا أدمغتنا عصرا ،
والأفكار العظيمة ليست ومضة ذهنية تأتي فجأة ، إنما هي كالنبتة الصغيرة تحتاج لجهد لتنمو و تكبر ، و كثيرا ما كانت هناك قرارات خاطئة قد اتخذناها بسبب العجلة و عدم التروي.
مهما كانت قدراتنا النفسية و الذهنية عظيمة ة ممتازة ، فإنها لن تغنينا عن أن نكتسب المزيد من العلم، وأن نطلع على الأفكار و الآراء و وجهات النظر التي تتصل بالقضية التي حاولنا و نحاول أن نبدع فيها و نأتي بشيء غير مسبوق ، وهذا واضح جدا فى الأعمال الأدبية و العلمية العظيمة ، فكاتب الرواية الشهيرة جداً يقرأ حول محورها
و أشخاصها و أحداثها عشرات وأحيانا مئات الكتب المختلفة ، وذللك من أجل تكوين خلفية ثقافية ثرية لما يريد الكتابة فيه ، والذين يريدون اختراع شيء جديد يطلعون على كل المحاولات السابقة .
وحين سئل المخترع الأمريكي الشهير "أديسون" عن السر الذي يقف خلف مخترعاته التي تجاوزت الألف قال : العبقرية 1% موهبة ، والباقي عرق جبين أى : علم وبحث و تجربة وتفكير .
إن المعرفة هي عتاد العقل ، وإن الإنسان الذكي جداً يبدو كالأبله حين يفكر في موضوع ليس لديه أي معلومات عنه ، من هنا كان التعلم المستمر شيئا يتطلبه الإبداع ، وكان الإعراض عن العلم هو العد الأول له .
مادام كل واحد منا يملك نوعا من الذكاء يمكنه من خلال الاستفادة منه أن يكون مبدعا و مبتكرا ، فلماذا نجد أن معظم الناس عاديون أو أقل من عاديين ؟
الجواب هنا يكمن في رغبة الناس أن يكونوا متميزين و مبدعين ، وفي تخلصهم من الأوهام التي تحول بينهم و بين رؤية ما يمكنهم إبداعه بجدارة و اقتدار ، ولاشك أن للبيئة التي ينشأ فيها الواحد منا أكبر الأثر فى إعداده للسير فى طريق الريادة و التفوق .
الجواب هو الآتي :
- يقرأ و يطالع حوله ، ويتتبع الكتب و الأفكار الجديدة ، ويشترك فى المجلات المتخصصة
- يسأل المتخصصين ويناقشهم ، ويحضر الندوات و المحاضرات و المؤتمرات التي تعقد حوله
- يحدد ما يريد بالضبط ، ولا يهمه إذا ما كان صغيرا أو كبيرا ، المهم هو المجيء بشيء جديد نافع
- يفكر فيه ويتأمل ، ويسجل كل الخواطر التي تخطر له حوله
- يتخيل باستمرار المكافأة العظيمة التي يحصل عليها إذا نجح فى خطته
- يدخل إلى عالم أحد الناجحين المبدعين فى مجال اهتمامه ، ويحاول الاستفادة من أسلوبه في ممارسة الإبداع .
مجال الإبداع رحب للغاية وفسيح أكثر مما نتصور ، وذلك لأننا إذا تأملنا فى أسلوب عيشنا اليومي ، وفي الأدوات التي نستخدمها و في الأفكار والمفاهيم التي نمتلكها ، وقارنا كل ذلك بما كان الناس عليه قبل مئة عام لوجدنا أن بين الزمانين مسافة واسعة فى كل شيء ، وهذه المسافة صنعها فى الحقيقة أفكار المبدعين الصغار و الكبار ، ومن هنا فإن على من يريد السير في طريق الإبداع أن يعتقد أن معظم ما في حياتنا من أشياء و علاقات و أعمال ، يمكن أن يوجد و يؤدى بطريقة تقليدية ، ويمكن أن يؤدى بطريقة إبداعية مبتكرة ، وإليك بعض الأمثلة :
- أنت مدرس لمادة الفيزياء ، وتحاول ممارسة تدريسك لطلابك بطريقة إبداعية غير مسبوقة .
- تريد أن ترفع نسبة استغلالك لوقتك بنسبة 40% .
- كلفت بإدارة أحد الأقسام في شركتك ، وقررت إدارتها بطريقة إبداعية .
- انت مهندس مدني في بلد فقير ، كيف تستطيع تصميم منازل شعبية بتكاليف تقل 30% عن التكاليف المعروفة ؟
- أنت طالب فى المدرسة أو الجامعة ، كيف ترفع نسبة تحصيلك الدراسي بسبة 40% .
بالإمكان عد عشرات النماذج الشبيهة بما ذكرته ، وذلك حتى أرسخ فى وعي القارىء شيئاً مهماً ، هو أنه ما من شخص في أي مجال يعجز عن أن يمارس عمله أو شيئاً منه بطريقة إبداعية لو أحب .
إن معظم الناس عاديون لأسباب كثيرة ، وإن تدهور مستوى التعليم في كل المراحل و وجود عدد قليل جداً من المؤسسات التعليمية الممتازة ، على علاقة وثيقة بضمور الإبداع و الاختراع فى أمتنا ، فالمدرسة الرديئة و الجامعة المتآكلة تخفض سقف الطموحات لدى طلابها ، بل تجعلهم في حالة من اليأس و الإحباط و السأم ، كما أن الإرشاد النفسي و الأكاديمي يكون ضعيفاً ، وهي بذلك لا تستطيع الأخذ بيد الطالب في اتجاه كسر الخوف وفتح أفق جديد ، ومن هنا فإني أؤكد و أشدد على أن نختار لأبنائنا أفضل المؤسسات التعليمية المتوفرة ، وعلى أن ننفق بسخاء بالغ ، ونعطيه الأولوية على أي مشروعات أو استثمارات أخرى ، فالاستثمار فى الأبناء هو أعظم جدوى من أى استثمار آخر .
ولهذا فإننا نرى أن كلا من المبدع و السائر في طريق الإبداع يتعامل مع المعرفة على النحو التالي :
- كلما اطلع على معلومة جديدة سأل نفسه السؤال الآتي : كيف يمكن أن أستفيد فائدة عملية من هذه المعلومة ؟ وما متطلبات ذلك ؟
- لا يكتفي بالدراسة المنهجية ، وإنما يحاول الإطلاع على بعض المراجع و المصادر و المجلات و التحقيقات الصحفية التي تناولت المسألة التي يهتم بها .
- يحضر الدورات و الندوات و المؤتمرات التي تعقد في مجال اهتمامه
- يتتبع أخبار الإبداعات و الاختراعات و يحضر المعارض المعنية بذلك
- يحاول الاحتكاك بالأشخاص الذين عرف عنهم الاهتمام أو الإبداع بما يحب أن يبدع فيه
تبدو هذه الأمور في نظر الإنسان مكلفة لأول وهلة ، وهذا صحيح ، ومن الذي يقول : إن طموح المرء لأن يكون مبدعاً يمكن أن يتحقق من غير جهد ومن دون دفع أي ثمن ؟ طريق المعالي مفروش بالأشواك لكن نهايته سعيدة و عظيمة و مثمرة .
حين نسمع أن شركة صينية سجلت عام 2008 ما يزيد على 1700 براءة اختراع فى مجال الإتصالات ، أدركنا أن تلك الاختراعات متناهية الصغر ، وهي تجسيد لأفكار صغيرا جداً ، والحقيقة أن المبدع يهتم بما ينظر إليه غيره نظرة استخفاف ، ومن هذا الفارق بين هذا وذاك تتخلق الأفكار و الإبداعات الصغيرة ، وبها تستمر مسيرة التطور .
كيف تصبح مبدعاً |
وقد يظن الناس أن الإبداع مرادف للذكاء أو العبقرية ، أو أنه شيء مرتبط بتفوق ذهني غامض لا دخل لهم فيه ، إلا أن هذا قد تغير الآن ، حيث أن من الواضح أن الإبداع فى شيء أو فى مجال لا يتطلب أكثر من التدريب و التركيز و مجاهدة النفس .
ومن هنا يمكننا وصف الإبداع بأنه شيء موجوداً وقابلاً للتعزيز و التنمية ، ولابد من الإشارة هنا أن الإبداع يظل عبارة عن إمكانية و استعداد ، ومالم يتم استغلال تلك الإمكانية ، واستثمار ذلك الاستعداد ، فإنه سيجد له متسعا فى مقابر الموهوبين الذين خرجوا من الحياة دون أن يكتشفوا مواهبهم ، ودون أن يعرف عنهم العالم شيئاً .
إن الإبداع ليس شيئا معقدا أو كبيرا ، فقد تبدع المرأة فى تنظيم بيتها ، وقد يبدع الموظف فى وظيفته ، وقد تبدع أرملة في تربية ابنتها اليتيمة ، وقد يبع لاعب في لعبته ، وقد يبدع معاق فى التعامل مع إعاقته ... وهكذا .
تعريف الإبداع
تعريف الإبداع |
والفكرة
الإبداعية أو الشيء الإبداعي كثيرا ما يرتكز على ابداعات سابقة ، لكن تكون
فيه إضافة جديدة ، وبما أن الإبداع عمل إنساني ، وبما أن كل ما يتصل
بالإنسان هو نسبي ، : فمثلا قد يفتن الواحد من افي بصورة بيانية فى بيت من
بيوت الشعر فى حين أن شخصا آخر لا يرى فيها ملمحا فنياً مثيرا ، لهذا كانت
الحاجة إلى إنشاء الهيئات و المنظمات التي تعتني بتسجيل الأرقام القياسية
وبراءات الاختراع للحد من مسألة النسبية ، وإن كان هذا ممكناً في الأشياء
المادية ، فإنه يستحيل فى الأشياء المعنوية ، لأننا ننظر إليها من منظورات و
اعتبارات شخصية .
عقبات في طريق الإبداع
عقبات في طريق الإبداع |
1. ضعف الثقة بالنفس
ضعف الثقة بالنفس هو واحد ما أكبر أبواب الشرور التي نفتحها على نفسنا ، فالإنسان الذي يفقد الثقة فى نفسه يحجم عن تحمل المسؤولية ، ويخشى القيام بأي مبادرة أو مخاطرة حتى خوفا من الفشل و من النقد و التأنيب .
ومصدر عدم الثقة بالنفس هو التجارب السلبية السابقة التي تنتهي باقتناع صاحبها بأنه فاشل ، غير محظوظ ، بلا موهبة ، ...، وقليل هم الذين يبحثون في سبب فشلهم وقليل هم الذين يعتقدون أن إخفاقهم ليس نهاية العالم .
الجدير بالذكر أن الناس كانوا و مازالوا يعتقدون أن الواحد له القدرة على أن يبدع فى جانب أو أكثر من جوانب حياته على وجه الخصوص دونا عن باقى الجوانب ، استنادا إلى ما لديه من موهبة فطرية ، وهذا ما أكدته نظرية "الذكاءات المتعددة" لصاحبها "هوارد جاردن " التي نشرها فى كتا "أطر العقل" ، حيث قالت النظرية أن الإنسان يمتلك أكثر من نوع من الذكاء عدها سبعة ثم وصلت لعشرة بعد إجراء تعديلات عليها ومن هذه الذكاءات :
- الذكاء اللغوي : وتعني حساسية الإنسان تجاه اللغة ، وقدرته على تعلمها و استخدامها
- الذكاء الرياضي المنطقى : ويعني قدرة الإنسان على حل المشكلات منطقيا ، و التعمل مع الأرقام و العمليات الحسابية
- الذكاء الاجتماعي : ويعني قدرة الإنسان على التعامل مع الآخرين و معرفة احتياجاتهم و رغباتهم
- الذكاء الشخصي الذاتي : و يعني قدرة الإنسان على فهم ذاته و مشاعره و مخاوفه الشخصية
- الذكاء العاطفي : ويعني قدرة الإنسان على إدارة العواطف و توجيهها
وهذه رسالة لنا ، فكل منا لديه الفرصة على أن يبدع ، فقليلون جدا يفتقدون كل أنواع الذكاء ، وقليلون جدا من يملكون كل هذه الأنواع ، وكل منا لديه هذه الأنواع من الذكاء و لكن بصورة متفاوتة .
وإن الثقة بالنفس و الإيمان بأن الله تعالى يجيب و يعين ، ولا يضيع أجر العاملين معاني أساسية فى اجتياح السدود التي تحول بيننا و بين الإبداع .
2. الإسراع فى تقبل الأفكار
عائق آخر من عوائق الإبداع ، فالناس لا يميلون إلى البحث عن الإمكانات و تقديم البدائل و اختبارها ، واختصارا للوقت و الجهد يقومون باختيار أول فكرة يعثرون عليها ، مع أن الثابت أن الأفكار العظيمة تأتي متأخرا بعد أن نكون قد عصرنا أدمغتنا عصرا ،
والأفكار العظيمة ليست ومضة ذهنية تأتي فجأة ، إنما هي كالنبتة الصغيرة تحتاج لجهد لتنمو و تكبر ، و كثيرا ما كانت هناك قرارات خاطئة قد اتخذناها بسبب العجلة و عدم التروي.
3. ضآلة المحصول المعرفي
مهما كانت قدراتنا النفسية و الذهنية عظيمة ة ممتازة ، فإنها لن تغنينا عن أن نكتسب المزيد من العلم، وأن نطلع على الأفكار و الآراء و وجهات النظر التي تتصل بالقضية التي حاولنا و نحاول أن نبدع فيها و نأتي بشيء غير مسبوق ، وهذا واضح جدا فى الأعمال الأدبية و العلمية العظيمة ، فكاتب الرواية الشهيرة جداً يقرأ حول محورها
و أشخاصها و أحداثها عشرات وأحيانا مئات الكتب المختلفة ، وذللك من أجل تكوين خلفية ثقافية ثرية لما يريد الكتابة فيه ، والذين يريدون اختراع شيء جديد يطلعون على كل المحاولات السابقة .
وحين سئل المخترع الأمريكي الشهير "أديسون" عن السر الذي يقف خلف مخترعاته التي تجاوزت الألف قال : العبقرية 1% موهبة ، والباقي عرق جبين أى : علم وبحث و تجربة وتفكير .
إن المعرفة هي عتاد العقل ، وإن الإنسان الذكي جداً يبدو كالأبله حين يفكر في موضوع ليس لديه أي معلومات عنه ، من هنا كان التعلم المستمر شيئا يتطلبه الإبداع ، وكان الإعراض عن العلم هو العد الأول له .
طريق الإبداع
طريق الإبداع |
مادام كل واحد منا يملك نوعا من الذكاء يمكنه من خلال الاستفادة منه أن يكون مبدعا و مبتكرا ، فلماذا نجد أن معظم الناس عاديون أو أقل من عاديين ؟
الجواب هنا يكمن في رغبة الناس أن يكونوا متميزين و مبدعين ، وفي تخلصهم من الأوهام التي تحول بينهم و بين رؤية ما يمكنهم إبداعه بجدارة و اقتدار ، ولاشك أن للبيئة التي ينشأ فيها الواحد منا أكبر الأثر فى إعداده للسير فى طريق الريادة و التفوق .
وإليك بعض النقاط التي تنمي ملكة الإبداع لديك :
1. وجود الدافع
طريق الإبداع هو طريق
العمل والجهد ، وهو طريق طويل وغير ممهد ، ولهذا فلابد من وجود الرغبة
للسير فيه ، ولابد من وجود الحافز و الدافع على بذل الجهد ، ولاشك فى أن
أرقى الدوافع هو ذلك الذي يتصل برضوان الله ، إنه يدفع المسلم إلى إضافة
شيء جديد للحياة حتى يساعد الناس على أن يحيوا حياة أطيب و أكرم
وحتى يتمكنوا من التغلب على المشكلات التي تواجههم ، وعلى مقدار ما نخلص لله - تعالى - فى مقاصدنا ، نجد من توفيقه و معونته .
الدوافع متنوعة منها القوي ، ومنها الضعيف ، ونحن نحتاج إلى الدافع القوي ، الذي يحركنا دائما نحو الأمام ، وهذا الدافع يمكن لنا أن نولده و ندعمه من خلال خلال تذكر الثواب العظيم للعاملين المثابرين ، ومن خلال تذكر المشاعر الجميلة
والفوائد العظيمة التي نتمتع بها حين نكون فى المقدمة .
وحتى يتمكنوا من التغلب على المشكلات التي تواجههم ، وعلى مقدار ما نخلص لله - تعالى - فى مقاصدنا ، نجد من توفيقه و معونته .
الدوافع متنوعة منها القوي ، ومنها الضعيف ، ونحن نحتاج إلى الدافع القوي ، الذي يحركنا دائما نحو الأمام ، وهذا الدافع يمكن لنا أن نولده و ندعمه من خلال خلال تذكر الثواب العظيم للعاملين المثابرين ، ومن خلال تذكر المشاعر الجميلة
والفوائد العظيمة التي نتمتع بها حين نكون فى المقدمة .
ومما يذكر في هذا السياق أنه قد ذهب شاب إلى حكيم ، وسأله : كيف يمكن أن أكون ناجحا ؟
قال له الحكيم : عليك أن تمتلك الدافع لذلك ؟
قال الشاب : وكيف أمتلكه ؟
هنا قال الحكيم للشاب : اقترب ، فاقترب منه الشاب ، وكان بجوار الحكيم بحيرة صغيرة فما كان منه إلا أن أمسك برأس الشاب
وغمسه فى الماء ، وبعد ثوان أخذ الشاب يتضايق و يشعر بنافذ الهواء من رئتيه ، وصار يحاول و يجاهد فى رفع رأسه حتى استطاع التخلص من يد الحكيم
هنا قال له الحكيم : هذا هو الدافع ، إنه الشعور بضرورة القيام بعمل ما للانتقال إلى وضعية أفضل !
2. التركيز و الاهتمام
إذا سئلت عن الجناحين
اللذين يطير بهما الإنسان فى آفاق الإبداع لقلت لك من غير تردد : إنهما
التركيز و الاهتمام ، إنهما فضيلتان متداخلتان ، فالواحد منا إذا اهتم بشيء
فإنه يركز عليه ، وإذا ركز على شيء استنفر فيه كل طاقاته للاهتمام بكل ما
يتعلق به .
السؤال هنا : كيف يثبت الإنسان لنفسه و لغيره أنه فعلا صاحب اهتمام بما يريد الإبداع فيه وصاحب تركيز عليه ؟
السؤال هنا : كيف يثبت الإنسان لنفسه و لغيره أنه فعلا صاحب اهتمام بما يريد الإبداع فيه وصاحب تركيز عليه ؟
الجواب هو الآتي :
- يقرأ و يطالع حوله ، ويتتبع الكتب و الأفكار الجديدة ، ويشترك فى المجلات المتخصصة
- يسأل المتخصصين ويناقشهم ، ويحضر الندوات و المحاضرات و المؤتمرات التي تعقد حوله
- يحدد ما يريد بالضبط ، ولا يهمه إذا ما كان صغيرا أو كبيرا ، المهم هو المجيء بشيء جديد نافع
- يفكر فيه ويتأمل ، ويسجل كل الخواطر التي تخطر له حوله
- يتخيل باستمرار المكافأة العظيمة التي يحصل عليها إذا نجح فى خطته
- يدخل إلى عالم أحد الناجحين المبدعين فى مجال اهتمامه ، ويحاول الاستفادة من أسلوبه في ممارسة الإبداع .
3. المجال الرحب
مجال الإبداع رحب للغاية وفسيح أكثر مما نتصور ، وذلك لأننا إذا تأملنا فى أسلوب عيشنا اليومي ، وفي الأدوات التي نستخدمها و في الأفكار والمفاهيم التي نمتلكها ، وقارنا كل ذلك بما كان الناس عليه قبل مئة عام لوجدنا أن بين الزمانين مسافة واسعة فى كل شيء ، وهذه المسافة صنعها فى الحقيقة أفكار المبدعين الصغار و الكبار ، ومن هنا فإن على من يريد السير في طريق الإبداع أن يعتقد أن معظم ما في حياتنا من أشياء و علاقات و أعمال ، يمكن أن يوجد و يؤدى بطريقة تقليدية ، ويمكن أن يؤدى بطريقة إبداعية مبتكرة ، وإليك بعض الأمثلة :
- أنت مدرس لمادة الفيزياء ، وتحاول ممارسة تدريسك لطلابك بطريقة إبداعية غير مسبوقة .
- تريد أن ترفع نسبة استغلالك لوقتك بنسبة 40% .
- كلفت بإدارة أحد الأقسام في شركتك ، وقررت إدارتها بطريقة إبداعية .
- انت مهندس مدني في بلد فقير ، كيف تستطيع تصميم منازل شعبية بتكاليف تقل 30% عن التكاليف المعروفة ؟
- أنت طالب فى المدرسة أو الجامعة ، كيف ترفع نسبة تحصيلك الدراسي بسبة 40% .
بالإمكان عد عشرات النماذج الشبيهة بما ذكرته ، وذلك حتى أرسخ فى وعي القارىء شيئاً مهماً ، هو أنه ما من شخص في أي مجال يعجز عن أن يمارس عمله أو شيئاً منه بطريقة إبداعية لو أحب .
4. تعامل خاص مع المعرفة
يطلع الطالب فى الحامعة و
مراحل التعليم التي قبلها على الكثير الكثير من المعلومات و النظريات و
الأفكار ، ويكون همه في الغالب هو النجاح فى الاختبارات و الحصول على درجات
عالية ، وهذا شيء جيد فى المجمل ، لكن هذا ليس هو طريق المبدعين ،
وليس هو الشيء الذي يستحوذ عليهم .
إن معظم الناس عاديون لأسباب كثيرة ، وإن تدهور مستوى التعليم في كل المراحل و وجود عدد قليل جداً من المؤسسات التعليمية الممتازة ، على علاقة وثيقة بضمور الإبداع و الاختراع فى أمتنا ، فالمدرسة الرديئة و الجامعة المتآكلة تخفض سقف الطموحات لدى طلابها ، بل تجعلهم في حالة من اليأس و الإحباط و السأم ، كما أن الإرشاد النفسي و الأكاديمي يكون ضعيفاً ، وهي بذلك لا تستطيع الأخذ بيد الطالب في اتجاه كسر الخوف وفتح أفق جديد ، ومن هنا فإني أؤكد و أشدد على أن نختار لأبنائنا أفضل المؤسسات التعليمية المتوفرة ، وعلى أن ننفق بسخاء بالغ ، ونعطيه الأولوية على أي مشروعات أو استثمارات أخرى ، فالاستثمار فى الأبناء هو أعظم جدوى من أى استثمار آخر .
المدرسة الجيدة و الجامعة الجيدة توفر لمنسوبيها جواً نفسياً مريحاً ، وتفتح أذهانهم على توظيف المعرفة التي يحصلون عليها من خلال كثرة التطبيقات و التجارب العلمية التي تتيحها لهم ، وبذلك تدلهم على استثمار المعرفة ، وتدلهم على إمكانات توظيفها في خدمة الإنسان ، ومن هنا أقول : إن الإبداع لا يحتاج إلى تحصيل علمي رفيع بقدر حاجته إلى تحول المرء من الاهتمام بالمذاكرة و الحفظ و النجاح في الاختبارات إلى مرتبة الفهم و التحليل و الاستنباط و التوظيف الجديد للمعرفة المتاحة .
ولهذا فإننا نرى أن كلا من المبدع و السائر في طريق الإبداع يتعامل مع المعرفة على النحو التالي :
- كلما اطلع على معلومة جديدة سأل نفسه السؤال الآتي : كيف يمكن أن أستفيد فائدة عملية من هذه المعلومة ؟ وما متطلبات ذلك ؟
- لا يكتفي بالدراسة المنهجية ، وإنما يحاول الإطلاع على بعض المراجع و المصادر و المجلات و التحقيقات الصحفية التي تناولت المسألة التي يهتم بها .
- يحضر الدورات و الندوات و المؤتمرات التي تعقد في مجال اهتمامه
- يتتبع أخبار الإبداعات و الاختراعات و يحضر المعارض المعنية بذلك
- يحاول الاحتكاك بالأشخاص الذين عرف عنهم الاهتمام أو الإبداع بما يحب أن يبدع فيه
تبدو هذه الأمور في نظر الإنسان مكلفة لأول وهلة ، وهذا صحيح ، ومن الذي يقول : إن طموح المرء لأن يكون مبدعاً يمكن أن يتحقق من غير جهد ومن دون دفع أي ثمن ؟ طريق المعالي مفروش بالأشواك لكن نهايته سعيدة و عظيمة و مثمرة .
- الانتباه للأفكار الصغيرة ، حيث إن عصر الأفكار الكبرى و عصر القادة و العلماء العظام الذين يغيرون مجرى الحياة قد انتهى ، وجاء عصر الأفكار و الإبداعات الصغيرة التي تتراكم ، فتغير ببطء معالم الحياة وملامحها ، كما أنه جاء عصر الأبطال الصغار الذين يسدون الثغرات ، ويحققون النجاحات المحلية .
المبدع إنسان لماح يحاول التقاط الأفكار العابرة و الإشارات السريعة التي تصدر من هنا وهناك ، إن هناك مئات الملايين من النس الذين شاهدوا الأشياء و هي تسقط من الأعلى إلى الأسفل دون أن يفكروا فى القانون الذي يحكم تلك الظاهرة إلى أن جاء "إسحاق نيوتن" فاكتشف قانون الجاذبية ، وعانت النساء قروناً كثيرة من كنس الأرض و ظهورهن محنية بسبب كون المكانس قصيرة ، إلى أن جاء إنسان مبدع فرأى إمكانية الخلاص من ذلك بإضافة عصا طويلة إلى المكنسة ، فتكنس المرأة وهي واقفة ، إنها فكرة صغيرة جداً لكنها غيرت حياة الملايين !
حين نسمع أن شركة صينية سجلت عام 2008 ما يزيد على 1700 براءة اختراع فى مجال الإتصالات ، أدركنا أن تلك الاختراعات متناهية الصغر ، وهي تجسيد لأفكار صغيرا جداً ، والحقيقة أن المبدع يهتم بما ينظر إليه غيره نظرة استخفاف ، ومن هذا الفارق بين هذا وذاك تتخلق الأفكار و الإبداعات الصغيرة ، وبها تستمر مسيرة التطور .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق